يوم 21 سبتمبر 2017 حضرنا صالون الأدبية المغربية السيدة زكية خيرهم، في بيتها العامر بالعاصمة النرويجية أوسلو، والسيدة زكية هي رئيسة رابطة كاتبات المغرب فرع الدول الاسكندنافية (سنتكلم عن الرابطة في نهاية هذا المقال). كانت المناسبة المحورية، لدعوتنا في الحضور، الاحتفاء بوجود المفكر المغربي الدكتور علي الإدريسي الذي كان قادماً من كندا لإلقاء محاضرة عن مشروعه الحضاري وكتابه (السلطة والدولة في الإسلام). خضر الأمسية نخبة منتقاة من المثقفين المقيمين في النرويج من عدة بلدان عربية.
وللمجالس والصالونات الأدبية العربية ماض جميل يمثل عطاء المرآة التي تعكس صورة أدب وثقافة أي عصر من العصور. وغالبا ما تكون المجالس الأدبية تعبر عن تطلعات الجمهور بمعزل عن رغبات أو عدم رغبات المؤسسات السلطوية.
وقد وصف المرحوم أحمد حسن الزيات المجالس الثقافية قائلاً: "كان للعرب اسواق ومجالس وندوات، ينتقلون من بعضها الى بعض فتدعوهم طبيعة الاجتماع الى المقايضة بالقول، والمفاوضة في الرأي، والمبادهة في الشعر والمباهاة في الفصاحة والمفاخرة بالأمجاد وشرف الأصل. فكان من ذلك للعرب معونة على توحيد اللسان والعادة والدين والخلق إذ كان الشاعر أو الخطيب انما يتوخى الألفاظ العامة والأسليب الشائعة قاصداً افهام سامعيه وطمعاً في تكثير مشايعيه...".
وحضورنا صالون السيدة خيرهم يجعلنا أن نخصص الكلام عن الصالونات النسوية عبر التاريخ أو بتعبير أدق الى الصالونات المقامة من قبل النساء العربيات. وأشهر تلك المجالس:
- مجلس سكينة بنت الحسين (ت 117هـ).
- مجلس عائشة بنت طلحة ( ت 110هـ).
- مجلس دنانير البرمكية (ت 210 هـ).
- مجلس ولادة بنت المستكفي (ت 484).
- مجلس حفصة الركونية (ت 586 هـ).
- مجلس نزهون الغرناطية ( ت 550 هـ).
أما أشهر المجالس النسائية في العصر الحديث:
- صالون السورية ميريانا مراس (1886- 1919).
- صالون صالحة النقشلي في بغداد ( 1871).
- صالون الفلسطينية مي زيادة في القاهرة (1886-1941).
- صالون السورية ماري عجمي (1888-1965).
- صالون الأديبة ثريا الحافظ (1911- 2000).
وللأديبة زكية خيرهم دور بارز في منظمة موزائيك المغربية العاملة على الساحة النرويجية وهي مؤسسة ثقافية فعالة يترأسها الشاب الناشط الدكتور حماد عاشور. ويأتي صالون الست خييرهم ضمن نشاطاتها كرئيسة لرابطة كاتبات المغربيات، هذه المنظمة الرائدة التي لها فروع عديدة داخل المغرب وخارجها من استراليا حتى أوروبا. وتقوم رابطة كاتبات المغرب، كما تقول السيدة زكية، بدورها كطرف من مكونات المجتمع المغربي معنية بتفعيل عمل بالخطب الملكية السامية، ولعب دور تواصلي وتعبوي وحضور متميز كسفيرات للوطن واعطاء الصورة الحقيقية عن المرأة المغربية المثقفة كأم فاعلة في تنمية موارد بلادها من خلال الديبلوماسية الثقافية الموازية، ولذلك أخذ على عاتقها رئاسة فرع الرابطة في الدول الاسكندنافية وهي تبادر الى تأسيس جسر تواصل بين مثقفات الفرع وبين العاملين في المجال الثقافي والاعلامي في الدول التي تمثلها وبين الوطن الأم، والتنقيب عن الكفاءات من مختلف الأجيال بين صفوف الجالية المغربية المهتمات بمختلف ألوان وأجناس الإبداع، اثراء واغناء لقدراتهن وربط جسور الهوية والإنتماء الثقافي والاجتماعي، واستغلال وسائل الابداع والانتاج الفكري والفني تصب في خدمة القضايا الوطنية.
تعمل رابطة كاتبات المغرب على زرع مبدأ الاختلاف والانفتاح على الثقافات الأخرى النرويجية والعربية والامازيغية والكردية وأيضا الناطقين بالفرنسية والإنجليزية. ورابطة كاتبات المغرب هي تكملة للساحة الثقافية في المغرب وخارجه وهي تصحيح للصورة النمطية في وسائل الاعلام وعبر العالم عن المرأة المغربية. والرابطة تشجع الكتابة بالنسبة للنساء في ظل دستور جديد وفي عهد ملك حداثي كما في ظل التوجهات العامة للمملكة -على حد تعبير السيدة خيرهم.
إننا إذ نخصص هذا المقال لتسليط الضوء على نشاط هذه الأديبة المغربية فهدفنا من ذلك حث العنصر النسوي من الجاليات العربية الأخرى خارج البلدان العربية للقيام بتشكيل روابط وطنية مماثلة تهتم بنشاطات النساء. ونلاحظ فقط هناك نشاط فلسطيني جيد تحت مسمى الاتحاد النسائي العربي الذي تقوده الناشطة الفلسطينية السيدة امتثال النجار.